مكونات التوطين الاسكاني لا يتجاوز ثلاثة: الأرض، التمويل، الادارة (التطوير ومواد البناء). عند تحمل طرف آخر لأي من هذه المكونات، خاصة الأرض، أو التمويل، تنخفض تكلفة البناء إلى أكثر من 30%، وقد تزيد في حالة الأرض.
بما أن القطاع الخاص في عمومه هو من يتولى هذه المهمة وحيداً، أو الفرد الذي يقوم بالبناء بنفسه.. وتحمل تبعيات ارتفاع الاسعار نتيجة توزع التطوير بين الافراد والمنشآت الصغيرة.. فإن ذلك كله يقود حتماً إلى وحدات سكنية لا تتناسب والقدرات المالية لغالبية المستهلكين.
حسناً .. لا يمكن كبح الأسعار وفق آلية التنفيذ هذه، دون تدخل حكومي، يتمثل بأحد أمرين: الدعم المالي (التمويل) لشركات التطوير الاسكاني، كما هو الحال في مشاريع الفنادق والمستشفيات الخاصة، أو المشاركة بمنح أراضٍ مجانية لمطورين ذوي كفاءة..
والصورة الثانية التي طالما تحدثنا عن أهمية بلورتها وفق نماذج مختلفة، ومناطق مختلفة.. تجسدت في صورة تستحق التقدير في مشروع بوابة مكة، الذي دشن اعمال التطوير فيه الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة مطلع الاسبوع الجاري.. حيث منح القطاع الحكومي ممثلا في أمانة العاصمة المقدسة أراضي بوابة مكة لمطورين لتنفيذ المشاريع المقترحة، وقبل ذلك تطوير البنية التحتية.. بدءاً من ضاحية سمو السكنية بتكلفة تزيد عن ملياري ريال، لا يتحمل القطاع الحكومي أي تكاليف.. سوى تأمين موقع الشروع (الأرض).
وكان لمشروع مكة الذي دشنه صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة بداية الاسبوع على مساحة 1.5 مليون متر مربع.. السبق في تحقيق النموذج الذي طالما تحدثنا عنه وهو الشراكة والتي تعتبر افضل سبيل لحل مشكلة السكن وخفض الاسعار ورفع جودة البناء، كما انها تعد فترة انتقالية لتحقيق الرؤية الاستراتيجية التي تمكن المواطنين من تملك الوحدات السكنية وفق رؤية مستدامة.
وتعتبر المشاركة بين القطاعين العام والخاص اساس تطوير وتنفيذ المشاريع التنموية بموجب مخطط هيكلي يقدم حلولا مدروسة وتنمية عمرانية متكاملة تشتمل على مناطق سكنية وحدائق ومساجد ومراكز خدمات تعليمية وصحية وترفيهية.. المشاركة ما ننادي دائماً به جميعا للنهوض بالقطاع العقاري في المملكة.. كما ان تفعيل التوجه الاستراتيجي يكمن في تمكين القطاع الخاص من مشاركة القطاع العام الذي يعزز بدوره في وضع الضوابط والتنظيمات والمراقبة والمساعدة على ضخ الوحدات السكنية المتكاملة وبأعداد كبيرة الذي من شأنه أن يسهم في تحسين وضع السوق الإسكاني وبالتالي خفض الأسعار ورفع المقدرة الشرائية.
ويهدف مشروع البوابة إلى تحفيز وتسريع التنمية في الجهة الغربية من مكة المكرمة، عن طريق المشاركة بين القطاعين العام والخاص، وتعمل الشركة بموجب برنامج تطوير إستراتيجي يتطلع إلى استكمال أعمال التنمية على مدى ١٥ عاما، بحيث تصبح بوابة مكة امتدادا طبيعيا لمكة المكرمة يتسع ل٦٠٠ ألف نسمة بمشيئة الله تعالى، عبر تطوير أكثر من ٤٠ حياً سكنياً مختلفة المساحات والكثافات.. وكانت البداية في ضاحية السمو لتوطين هذا النموذج.. وتسعى الشركة إلى تحقيق نموذج ناجح للشراكة مع القطاع الخاص مع الحرص الشديد على الالتزام بمقتضيات وموجهات التطوير التي حددتها أمانة العاصمة المقدسة، والتقييد باتفاقيات التطوير حتى يستكمل التطوير مطابقاً لما تم تخطيطه بناء ببناء ورصيفٍ برصيف وشارعٍ بشارع.
ويؤكد خبراء عقاريون ان الشراكة بين القطاعين العام والخاص يتجلى في إعادة النظر بالبنى المؤسساتية الحالية وتكييف التشريعات والأنظمة لتسهيل عملية الشراكة، والعمل على توفير متطلبات أداء الأعمال على أساس تبني القطاع العام لفلسفة القطاع الخاص في الإدارة والتنظيم إضافة إلى تشجيع إنشاء الشركات العقارية للمساهمة في زيادة الرصيد السكني المعروض وتسليط الضوء على دور صناديق التنمية والجهات الحكومية (وزارة الإسكان مثلا) في حل قضية الإسكان والاهتمام بدعم الإقراض الحكومي لشركات التطوير العقاري لتشجيع بناء المجمعات السكنية.
فيما شدد عدد من المستثمرين في المجال العقاري على أن الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص كفيلة بأن تحول الأزمة الإسكانية في المملكة إلى استثمار يخدم جميع الأطراف بما في ذلك المستهلك النهائي وبأسعار ميسرة وجودة عالية.