تسجل

مليار دينار الفائض المقدر في ميزانية الكويت لسنة 2011/2012

شهدت أسعار النفط شهراً مستقرا خلال مارس، محتفظة بالمكاسب التي حققتها في شهر فبراير الذي شهد مستويات قياسية هي الأعلى في فترة ما بعد الأزمة الاقتصادية. فقد بدأ سعر الخام الكويتي الشهر عند 120 دولارا للبرميل وأنهاه عند السعر نفسه، ليبلغ متوسطه خلال الشهر 120 دولارا أيضا، وهو الأعلى منذ شهر يوليو 2008. وفي تلك الأثناء، تمتع نفط مزيج برنت بشهر مستقر ايضًا عند 125 دولارًا للبرميل. واستمر التداول بنفط متوسط غرب تكساس – وهو النفط الإسنادي الرئيس في الولايات المتحدة – بانخفاض كبير قياسا بامزجة النفط الأخرى، عند مستوى 106 دولارات للبرميل في شهر مارس.
وتشير التقديرات إلى أن السوق يمكن أن تفقد ما يصل إلى مليون برميل يوميا من النفط الخام الإيراني، أي ما يساوي نحو %1 من الإنتاج العالمي، والذي سيتوجب التعويض عنه من قبل منتجين آخرين، ويقدّر أن الإنتاج الإيراني قد انخفض بالفعل إلى 3.4 مليون برميل يوميا هذا العام، وهو أدنى مستوى له منذ 10 سنوات، مع تطلع المشترين إلى تفادي توقف سلسلة الإنتاج.
ومن ناحية أخرى، تكثفت التكهنات حول طرح محتمل لمخزونات نفط حكومية استراتيجية لوقف المزيد من الضغوط التي تدفع باتجاه ارتفاع الأسعار. وإلى جانب التساؤلات حول قانونية هذا التحرك وتوقيته، لا يتوقع المحللون أن يكون له تأثير في المدى الطويل. ففي الصيف الماضي، أدى طرح 60 مليون برميل على مدى شهرين إلى انخفاض الأسعار بنسبة %5 عند الإعلان عن هذه الخطوة، ولكن الأسعار عادت بسرعة إلى الارتفاع مجددا إلى ما كانت عليه. وبالطبع فإن ذلك يؤدي إلى تكهنات بأن أي طرح لمخزون نفطي يجب أن يكون بكمية أكبر هذه المرة.
وهذان العاملان مرتبطان، وقد يلغي أحدهما الآخر: فارتفاع المخاوف من عدم توفر ما يكفي من الإنتاج يخلق احتمالا أكبر بطرح مخزون الطوارئ. ولكن يلاحظ أن الأسواق المستقبلية ترى أسعار خام برنت في انخفاض إلى ما دون 100 دولار للبرميل في نهاية العام 2015. ويمكن أن تفسر جزئيا علاوة السعر الفوري على السعر المستقبلي كعلاوة تعكس التوتر الحالي بشأن المسألة الإيرانية.

ولم تتغير توقعات المحللين عن الشهر الماضي بشأن نمو الطلب على النفط في العام 2012، وذلك بسبب هدوء البيئة الاقتصادية نوعا ما. ويتوقع أن يكون نمو الطلب العالمي على النفط في نطاق 0.8 – 1.1 مليون برميل يوميا، أو %0.9 - %1.2، وهي مستويات مماثلة لمستويات العام 2011.
 ويتوقع أن يبقى نمو الطلب في الدول من خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عند حدود 1.5 مليون برميل يوميًا (%3.5)، فيما قد يتراجع الطلب من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بما يصل إلى 0.4 مليون برميل يوميا (%0.7). وإذا استمرت هذه المسارات، فإن الدول من خارج هذه المنظمة ستتجاوز الأسواق المتقدمة كمستهلك رئيسي للنفط وذلك للمرة الأولى في السنة المقبلة. وقد كانت هذه الدول بالفعل وراء كل الارتفاع في الطلب العالمي على النفط الذي شهده العقد المنصرم.
وارتفع إنتاج النفط الخام لدول أوبك الإحدى عشرة (أي باستثناء العراق) بمقدار ملحوظ بلغ 121,000 برميل يوميا في شهر فبراير ليصل إلى 28.3 مليون برميل يوميا. وشهدت الكويت والسعودية وإيران تراجعات بلغت 43,000 و41,000 و37,000 برميل نفط يومياً على التوالي، ولكن تم التعويض بأكثر من ذلك بسبب العودة المتواصلة للإنتاج الليبي الذي قفز بنحو 181,000 برميل يوميًا إلى 1.2 مليون برميل يوميًا، مقترباً بذلك من المستوى الذي كان عليه قبل الأزمة السياسية والبالغ 1.6 مليون برميل يوميًا.
ويتوقع أن يرتفع إنتاج الدول من خارج أوبك بمقدار 0.5 – 0.8 مليون برميل يوميا في العام 2012، رغم أن أكثر من نصف هذه الزيادة ستأتي من سوائل الغاز الطبيعي لدى دول أوبك. ويعتبر ذلك أعلى بقليل فقط من النمو المخيّب للآمال الذي سجلته السنة الماضية والبالغ 0.5 مليون برميل يوميا، والذي كان بسبب مجموعة من الأمور الجيوسياسية والتقنية. وفي المجموع، إذا بقي إنتاج دول أوبك الإثنتي عشرة على مستواه الحالي (أي بافتراض أن أي خسارة مستقبلا في الإنتاج الإيراني سيعوضها الأعضاء الآخرون في أوبك)، فإن إنتاج النفط العالمي يمكن أن يرتفع بما يصل إلى 2.0 مليون برميل يوميا في العام 2012. ولكن نظرا لارتفاع الإنتاج الليبي والعراقي، فإن إنتاج أوبك سيرتفع أكثر.

وفي المقابل، إذا أثبت نمو الطلب على النفط أنه أقوى بكثير من المتوقع (%1.3)، فإن أساسات عمل أسواق النفط قد تبدأ بالتشدد مجددا ومن المحتمل أن ترتفع الأسعار. ووفق هذا السيناريو، فإن سعر النفط الكويتي سيرتفع إلى أكثر من 135 دولارا للبرميل في نهاية السنة. ولكن مثل هذه الأسعار قد تضر نمو الاقتصاد العالمي، دافعة دول أوبك لضخ المزيد من النفط إلى الأسواق.
 
ومن ناحية أخرى، إذا جاء إنتاج الدول من خارج أوبك أعلى بمقدار 0.3 برميل يوميا من المتوقع، يمكن أن نرى ارتفاعا سريعا في المخزون العالمي. ويمكن أن ينتج هكذا سيناريو عن عودة إنتاج جنوب السودان بعد توقفه بسبب النزاع مع شمال السودان. ويمكن لسعر النفط الكويتي أن ينخفض إلى ما دون 90 دولارا للبرميل في الربع النهائي من العام 2012، مع احتمال أن يقوم ذلك بتحفيز الأعضاء الآخرين في أوبك على القيام بتخفيضات كبيرة في إنتاجهم.
وبلغ متوسط سعر النفط الخام الكويتي لكامل السنة المالية 2011/2012 التي انتهت للتو 110 دولارات للبرميل، أي بارتفاع نسبته %33 عن السنة المالية 2010/2011. ورغم عدم صدور الأرقام الرسمية بعد، نتوقع أن تبلغ إيرادات النفط نحو 28 مليار دينار، أي بارتفاع نسبته %45 عن السنة السابقة. وإذا جاءت المصروفات الفعلية دون مستواها المقدر في الميزانية بما بين %5 - %10 كما نتوقع، فإن فائض الميزانية للسنة المالية الماضية قد يبلغ ما بين 11.3 و 12.3 مليار دينار قبل استقطاع مخصصات صندوق احتياطي الأجيال القادمة.