تستمرّ حكاية ساعة آتموس الاستثنائية التي تُعتبر تحفة فنية مع طرح جيجير-لوكولتر ساعة آتموس ريغولاتور "CHERRY BLOSSOM" في معرض هومو فابر في البندقية. فما الذي يميّز هذه الساعة؟
اختارت محترفات الدار أن ترسم زهر الكرز، أو الساكورا، على ساعة آتموس ريغولاتور الجديدة. يُعتبر زهر الكرز رمزًا وطنيًا لليابان، كما أصبح رمزًا عالميًا يُبشر بحلول فصل الربيع، إذ يوحي بالتجدّد ويذكّرنا بأنّ الحياة تمرّ برمشة عين وأنّ الوقت يداهمنا. وانطلاقًا من موضوع stellar odyssey الذي اعتمدته الدار هذا العام، تشمل حركة آتموس مؤشّرًا يعرض أطوار القمر، ولعلّه أحد أشهر التعقيدات الفلكية على الإطلاق وأحبّها على قلوب الناس.
تتّسم ساعة آتموس ريغولاتور "CHERRY BLOSSOM" بحضورها النبيل ودقّة التفاصيل، فهي تحفة فنية فريدة من نوعها، تستعرض آلية الساعة داخل علبة من الزجاج الشفّاف تستقرّ بين لوحَين مشكّلَين من المينا المعالج حراريًا Grand Feu.
يمتدّ غصن زهر الكرز، الملوّن يدويًا بالمينا، من جهة إلى الجهة المقابلة، ويمرّ عبر حلقة ميناء الساعة، فيما تتناثر البتلات في الهواء من حوله، وكأنّها تتطاير مع نسيم الهواء.
تطلبت عملية التشكيل بالمينا وحدها 200 ساعة من العمل الدؤوب على يد الحرفيين الماهرين في محترفات الحرف النادرة Métiers Rares® التابعة لـ جيجير-لوكولتر، لتكون أكبر قطعة مطلية بالمينا في تاريخ الدار. ومع أنّ الحرفيين أتقنوا أساليب الطلاء بالمينا على علب وموانئ الساعات، إلا أنّ الحجم الكبير لهذه القطعة فرض تحديات لا يُستهان بها. لم يستسلم الحرفيّون لهذه التحديات، بل ضافروا جهودهم وقضوا معًا ساعات وساعات لإجراء البحوث الأوّلية وتبادل الأفكار وإجراء الاختبارات والتجارب قبل الانكباب على عملية الطلاء. خضعت المواد والتقنيات للفحص والتدقيق، وتمّ اعتماد فرن جديد لاستيعاب هكذا قطعة كبيرة.
لتشكيل الألواح التي يبلغ طولها 196 ملم بعرض 105,2 ملم، وجد الحرفيون أنّ النحاس أفضل من الذهب المستخدم عادة لطلاء الساعات. ولطلاء أسطح بهذا الحجم، كان على الحرفيين إتقان تقنية "التشكيل الجاف بالمينا" التي تقوم على غربلة المسحوق الملوّن فوق صفائح من النحاس (تمامًا كما نزيّن قوالب الحلوى بالسكر الناعم)، وتكرار العملية إلى حين الحصول على اللون الأسود المتجانس المنشود. وبعد كل طبقة، كان لا بدّ من إدخال الألواح في الفرن، ثمّ تبريدها وتسويتها بالكامل، مع العلم أنّ كل مرحلة تحمل معها خطر ظهور الفقاعات أو التصدّع أو بقع الغبار، من شأنها أن تفسد التصميم.
أمّا لحلقتَي الميناء، فتبيّن أنّ الفضّة هو الخيار الأمثل، على الرغم من أنّه معدن ناعم، فهو أقل مقاومةً للحرارة عند التعرّض لدرجات الحرارة العالية المطلوبة للتشكيل بالمينا المعالج حراريًا. عادةً، ولمنع ظهور الشوائب، تتمّ معالجة الجهة الخلفية من القطعة بـمادة مقاومة للمينا، لكن استحال ذلك في هذه الحالة لأن الميناء مكشوف من الخلف. بدلًا من ذلك، تمّ تفريغ الحلقات لتشكيل قناة لوضع المينا، وهنا، كما بالنسبة إلى الألواح، ظهر تحدّي إدخال القطعة في الفرن مرّات عديدة.
وأخيرًا، وبعد إنجاز الخلفية المشكّلة من المينا الأسود من دون أي شوائب، يُمكن للرسّام أن يبدأ برسم الصور المصغّرة، الأمر الذي يتطلّب ذوقًا فنيًا ودقّة فائقة. كما هو حال المينا الأسود، يتمّ إنجاز الرسمات في سلسة من الطبقات، بحيث يجب إدخال القطعة في الفرن بعد كل طبقة، وفي كل مرة تتعرّض فيها للنار هناك خطر تخريب كل الخطوات السابقة. إنّ النجاح في تصميم هذه القطعة ما هو إلا خير دليل على مستوى استثنائي من المهارة والإتقان لا يُمكن تحقيقه إلا بعد سنوات كثيرة من الخبرة.