العرض الرقمي الذي طرحت من خلاله علامة بيرلوتي مجموعتها الجديدة لموسم شتاء 2021 كان أكثر من رائع، فقد تمكنت من خلاله من جذب انتباهنا ومن التميّز في فترة اعتمدت فيها كل العلامات العالمية على هذه الطريقة لرفع الستار عن تصاميمها.
استمدّ المدير الفني كريس فان أش إلهامه من ضرورة مواجهة الصعاب التي نمرّ بها في هذه الأيام، فتعاون مع مخرج الفيديو أنطوان أسيراف والمستشار الإبداعي يوان لوموان في عرض افتراضي يجسّد المفهوم المجازي لعبور الحدود.
وتظهر في الفيديو لافتات على الأرض للحفاظ على المسافة الآمنة وقد باتت مألوفة لدى الجميع، بحيث تسلّط الضوء على القيود المفروضة في زمننا الحالي. أما عارضو الأزياء فتنقّلوا بحريّة تبعاً لخطوات منسّقة إنما ضمن قيود الحفاظ على المسافة الآمنة، تعبيراً عن أنّ الحرية مفهوم يبدأ من الروح قبل الجسد.
تستقي التصاميم إلهامها من أعمال الرسام ليف خيسين، فتغنّت بألوان وأقمشة تُبرز التقنيات وعمليات التصنيع المتقنة. تحاكي طبقات طلاء السيليكون متعدّدة الألوان الأنماط المجرّدة والملموسة التي يعبّر الفنان الروسي المعاصر والمقيم في برلين عن نفسه من خلالها، كما تشبه طريقة عمله المميزة أسلوب دار بيرلوتي في تقنيات تطبيق الزنجار الحرفية، فولد من رحم تزاوج العالمين المرئي والعملي للمبدعَين ليف خيسين وكريس فان أش رابط طبيعي تجسَّد في هذه المجموعة الاستثنائية.
تأتي الملابس بقصات غير مبطّنة وبتصاميم مريحة وفضفاضة. وعليه، تعكس المجموعة مفهوم الراحة التي سينعم بها الرجل حين يتألق ببدلات مريحة تجمع بين التصاميم الرسمية التقليدية وملابس العمل والملابس الرياضية، وقد صُنع أغلبها من الكشمير الذي يُلبس على الوجهين.
اصطبغت البدلات بكتل ألوان مستوحاة من باليت الفنان، أما قصاتها غير المبطّنة فأفرجت عن رقصة متناسقة من الألوان. لمزيد من التفنّن، تغنّت الجاكيتات الجلدية المصبوغة والمبهّتة يدوياً باللمسة اللونية الأساسية التي تتصف بها الأحذية الكلاسيكية من علامة بيرلوتي، ألا وهو الزنجار. كما قدّمت العلامة معطفاً مدروزاً يدوياً بالكامل ليستحضر إحدى اللوحات الفنية، فأصبحت الدرزات نمطاً بحدّ ذاتها. أما الجاكيت مع القلنسوة وسترة الجامبر الجلدية المنسوجة يدوياً فتترجمان عالم ليف خيسين البصري من خلال أنماط هندسية ولا أروع. تتغنّى البدلات بنقشات تحاكي رسومات الفنان المبدع بأدق تفاصيلها، كما تتناسق زخارف السترات مع زخارف السراويل تناسقاً تاماً.
وما يعزّز القيمة الحرفية أكثر بعد أنّ الملابس الخارجية والبدلات اتّسمت بدرزات نرويجية نافرة. تتمتع التصاميم بتطريزات بيضاء تُستخدم عادة في صناعة الأحذية ولا يمكن تنفيذها إلا يدوياً، وقد ظهرت كخطوط على الجاكيتات الجلدية المبطّنة وكأطراف على جاكيت جلدي رسمي وكخطوط فاصلة على معطف منفوخ ومبطن. وأطلّت التفاصيل التقليدية والمغزولة يدوياً على جاكيت منفوخ يُلبس على الوجهين تمّ صنعه بالكامل من صوف الخروف الأبيض المائل للصفرة.
أما الحقائب فتعكس الانسيابية التي تغمر المجموعة كي يتباهى الرجل بحقيبة ناعمة تنضح رقياً. تزيّنت الحقائب بحلى جالبة للحظ على غرار قالب الأحذية الذي تشتهر به دار بيرلوتي وقلادات متعدّدة الألوان من ابتكار الفنان الإسباني خورخي بينادس الذي تتمحور أعماله حول إعادة تدوير مخزون الجلد الفائض إلى أغراض صلبة مضغوطة. تعكس الأحذية تقنيات تصميم الملابس بدءاً من النعل ثلاثي الطبقات المعاد تدويره في حذاء الديربي وصولاً إلى النعل الإسفنجي ذات السطح المزخرف والذي اقترن بحذاء جلدي كلاسيكي. وتزيّنت أحذية البروغ ذات المقدّمة المربّعة بالدرزات النرويجية النافرة، في حين جمعت أحذية السنيكرز الجديدة المصنوعة من الجلد المكسو بالزنجار بين الطابعين الرياضي والرسمي.