اتفق قادة وخبراء في قطاع التصميم الداخلي والهندسة المعمارية والتخطيط خلال مناقشات المائدة المستديرة لمسؤولي التصميم التي عقدت أمس على هامش معرض المكاتب 2012، على أن صناعة التصميم والهندسة المعمارية بالشرق الأوسط تشهد نقلة نوعية كبيرة. يأتي ذلك في ظل تحول القطاع إلى تبني خصائص التصميم المميز. وهذه الخصائص المرئية المميزة آخذة في التشكل بفضل التنوع الثقافي والكوادر والخبرات من الشباب ذوي الخلفيات التعليمية الدولية والتكنولوجية الاستثنائية.
كانت الجلسة، التي شهدت حضور قادة كبرى شركات التصميم والهندسة المعمارية على مستوى العالم، قد ترأستها شيريل دورست، النائب التنفيذي للرئيس، الرئيس التنفيذي للاتحاد الدولي للتصميم الداخلي. ومن خلال تطبيق التصميم المعترف به عالمياً باعتباره المحفز الثقافي، ناقش المتحدثون الكيفية التي يساعد فيها تصميم مكان العمل على الارتقاء بمعايير الهندسة المعمارية بالمنطقة.
وطبقًا للمتحدثين في الجلسة، لم يعد العملاء يهتمون بإنشاء المباني التقليدية ذات التصاميم الأسطورية الملفتة للأنظار وحسب. وحول ذلك، يقول ستيفن تشارلتون، المدير الإداري بشركة "برينغل براندون": "ثمّة كوادر وخبرات جديدة من جيل الشباب ذوي مستوى التعليم العالمي المتميز والآراء المستنيرة ممن يصدرون المزيد من القرارات المطلعة التي تأخذ بعين الاعتبار عوامل كثيرة عندما يتعلق الأمر بتصميم مكان العمل. ويزداد إدراك هؤلاء الشباب لأهمية المباني الفعالة والمناسبة وذات الأغراض المحددة".
ويوافقه في الرأي البروفيسور شمس النجا، مدير شركة النجا للتصميم والتخطيط المعماري، إذ يقول: "كان للركود العالمي تأثير إيجابي على المنطقة لجهة مساعدة الأفراد على التركيز بشدة على "القيمة الحقيقية للأشياء". وقد أصبحنا في الوقت الحالي أكثر تعاوناً مع العملاء في التشاور حول عملية التصميم، الأمر الذي له مردود أفضل علينا بلا شك، باعتبارنا شركة رائدة في مجال التصميم والهندسة المعمارية والتخطيط، نظراً لضرورة أن يكون التصميم ثنائي الاتجاه. وأرى أن الوقت مناسب للبدء في وضع ملامح معمارية جيدة".
من جانبه، أكد سكوت ويتاكر، المدير التنفيذي ومؤسس شركة "دي دبليو بي"، أن التنوع الثقافي، والضغط من شركات التصميم العالمية العاملة بالمنطقة للالتزام بالمعايير العالمية للتصميم، قد دفعا مصممي المنطقة لإيجاد أساليب مبتكرة وفريدة من نوعها في التصميم المعماري بالمنطقة.
واتفق المتحدثون على أن التكنولوجيا قد لعبت دوراً بالغ الأهمية في التحول إلى سوق تصميم أكثر نضجاً، ليس لأنها ترتقي بسبل وصول العملاء إلى المعلومات بسهولة فقط، ولكن لأنها تطلبت إحداث تغيير جوهري في طرق تفاعل الناس في مكان العمل.
وقالت بلافي دين، مديرة التصميم في "بلافي دين للتصميم الداخلي"، إن إدارة شبكات الاتصال الافتراضي من شأنها أن تؤدي إلى توفير كبير في وقت الموظفين وإنتاجيتهم، معتبرة أن تعدّد المهام أصبح هو المعيار في مكان العمل، في ظل ضرورة إدارة هذا العدد الهائل من شبكات الاتصال الافتراضية، وهو ما يطرح في نظرها تساؤلاً حول العوامل التي ينبغي استخدامها لتحسين الإنتاجية فيما هي في الأساس تحدّ من الإنتاجية.
أما دانيال حجار، النائب الأول للرئيس والمدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشركة "إتش أو كيه"، فاعتبر أن التصميم قد تأثر بكيفية تفاعلنا مع المساحات الشخصية، إلا أنه يرى أن التفاعل أصبح أقل من جانب فئة الشباب في الوقت الحالي، نظراً لأن تعلّقهم بالأجهزة والأدوات التكنولوجية أشدّ من تعلقهم بالأفراد، وأعرب حجار عن اعتقاده بأن دور المصممين الآن يتمحور حول كيفية استغلال شبكات التواصل الاجتماعي في تحسين بيئة العمل وإجراءاته.
ووفقاً لدورست، فإن العاملين في مجال التصميم حول العالم أصبحوا ملزمين بإيجاد المساحات التي تحفز الناس على التفكير، وقالت: "ارتباطنا بالتكنولوجيا وتفاعلنا معها، يعني أن تفاعلنا مع المواقف واستجابتنا قد حلت محل العمل الحقيقي. ولا شك في أن البشر يحتاجون إلى التفاعل وإلى الوقت في التفكير، والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو ما طبيعة المساحات التي يحتاجها العاملون في مجال المعرفة والتكنولوجيا؟"
وقد اتفق المشاركون على أن حركة الموظفين وترابطهم أمران يتطلبان مساحات واسعة في المكاتب، ومرونة وبساطة في شكل تلك المكاتب. كما أكدوا أن الناس دائماً ما يميلون إلى المواقع المليئة بالتفاعل والتعاون، وأن أماكن العمل لا تزال تشكل جزءاً مهماً من البيئة العمرانية، ولذلك فهناك ارتفاع في الطلب على إيجاد المساحات الواسعة التي يتم تصميمها لتدوم طويلاً.
وقد تساءلت دورست عما إذا كان هذا الاتجاه نحو العمر الافتراضي ناجماً عن تنامي أهمية الاستدامة. واتفق المشاركون في المائدة المستديرة على أن المنطقة تتمتع بذوق متميز في التصميم المستدام نما منذ الأزمة الاقتصادية العالمية، إلا أنهم انتقدوا في الوقت نفسه مستوى الالتزام بتحقيق تلك الأهداف.