تسجل

تقرير أممي عن المناخ يتوقّع وصول الاحترار إلى 1.5 درجة ويحذّر من كوارث طبيعية

Loading the player...

توقّع تقرير جديد صادر عن خبراء المناخ في الأمم المتحدة، أن يصل الاحترار العالمي إلى 1,5 درجة مئوية، مقارنةً بعصر ما قبل الثورة الصناعية قرابة العام 2030، أي قبل عشر سنوات من آخر التقديرات الذي وضعت قبل ثلاث سنوات، ما يهدد بحصول كوارث جديدة "غير مسبوقة" في الكوكب الذي تضربه موجات حرّ وفيضانات متتالية.
وقبل أقل من ثلاثة أشهر من مؤتمر الأطراف السادس والعشرين (كوب 26) في غلاسكو، نُشر الجزء الأولى من تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ. وجاء فيه أنّ "البشر مسؤولون بشكل لا لبس فيه عن الاضطرابات المناخية، وليس لديهم خيار سوى تقليل انبعاثات غازات الدفيئة بشكل كبير إذا كانوا يريدون الحد من التداعيات".
وأكد التقرير أن بعض عواقب الاحترار المناخي "غير قابلة للعكس" على أي حال. وتحت تأثير ذوبان الجليد القطبي، سيستمر مستوى المحيطات في الارتفاع "لقرون، بل لآلاف السنين". أما البحار التي ارتفعت مستوياتها 20 سنتيمترا منذ العام 1900، فما زال من الممكن أن ترتفع بحوالى 50 سنتيمترا بحلول العام 2100.
وقال جوناثان بامبر، أحد معدي التقرير: "يبدو أنّ الامر بعيد المنال، لكن هناك ملايين الأطفال الذين يجب أن يعيشوا بصحة جيدة في القرن الثاني والعشرين".
وللمرة الاولى، تشير الهيئة إلى "عدم القدرة على استبعاد حدوث نقاط تحول" ، مثل ذوبان الغطاء الجليدي في أنتاركتيكا أو موت الغابات، ما قد يؤدي إلى تغيير جذري للنظام المناخي وغير قابل للعلاج.
لكن هذا ليس سببًا للتخلي عن المعركة ضد ظاهرة تغير المناخ، بل على العكس، وفق علماء وناشطين، لأن كل جزء من درجة مئوية يؤثر ويعزز التداعيات.
وقالت كايسا كوسونين من منظمة غرينبيس "لن ندع هذا التقرير يوضع على الرف. سنحضره معنا إلى المحاكم".
وذكرت الحكومة البريطانية أنّ التقرير يشكّل "تحذيرًا صارمًا" بشأن تأثير النشاط البشري على الكوكب، معربة عن أملها في أن يشجع هذا الإجراء على التحرك قبل مؤتمر الاطراف المقرر عقده في نوفمبر.
وأما الحكومة الألمانية، فحذّرت من أنّ "الوقت ينفد لإنقاذ الكوكب" في مواجهة خطر الاحترار المناخي.
وعلّقت كريستينا دال من اتحاد العلماء المعنيين "يونيون فور كونسورند ساينتستس" بالقول: "تذكّروا أن ما نراه اليوم هو مجرد البداية".
وهذا التقرير التقييمي الأول منذ سبع سنوات والذي تم تبنيه من قبل موفدي 195 بلدًا، ويستعرض خمسة سيناريوهات لانبعاثات غازات الدفيئة، من الأكثر تفاؤلا إلى الأكثر تشاؤما.
وفي كل الحالات، سيصل الاحترار العالمي قرابة العام 2030 إلى 1,5 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الثورة الصناعة، أي قبل عشر سنوات من التقدير السابق للهيئة في العام 2018.
وبحلول العام 2050، ستستمر الزيادة إلى ما بعد هذه العتبة، وهي أحد حدود اتفاق باريس للمناخ، حتى لو نجح العالم في الحد بشكل كبير من انبعاثات غازات الدفيئة.
وإذا لم تخفّض هذه الانبعاثات بشكل حاد، سيتم تجاوز عتبة درجتين مئويتين خلال القرن الحالي. وهذا الأمر سيعني فشل اتفاق باريس الموقع عام 2015 والذي يوصي بضرورة حصر الاحترار بأقل من درجتين مئويتين، وصولا إلى درجة مئوية ونصف درجة إذا أمكن.
وفيما ارتفعت حرارة الكوكب 1,1 درجة مئوية حتى الوقت الحالي، يشاهد العالم العواقب المترتبة على ذلك، من الحرائق التي تجتاح الغرب الأميركي واليونان وتركيا، مرورًا بالفيضانات التي غمرت بعض المناطق الألمانية والصينية، وصولًا إلى تسجيل درجات حرارة قياسية في كندا وصلت إلى 50 درجة مئوية.
وحتى عند عتبة 1,5 درجة مئوية، ستزداد موجات الفيضانات وغيرها من الظواهر المناخية المتطرفة بطريقة غير مسبوقة من حيث الحجم والوتيرة والفترة من السنة التي تضرب فيها المناطق المتضررة، وفق ما حذرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.
من جهته، قال عالم المناخ ديف رياي: "هذا التقرير يجب أن يخيف أي شخص يقرأه. إنه يظهر إلى أين وصلنا وإلى أين نحن ذاهبون مع تغير المناخ: إلى حفرة نواصل تعميقها".
بدوره، يشدد الرئيس المشارك لمجموعة الخبراء التي أعدت هذا الجزء الأول من تقييم الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ بانماو تشاي، على أنّ "استقرار المناخ سيتطلب خفضًا حادًا وسريعًا ودائمًا لانبعاثات غازات الدفيئة من أجل تحقيق حياد الكربون".
ويشمل الجزء الثاني من التقرير تداعيات تغير المناخ، ومن المقرر أن ينشر في فبراير 2022. وهو يوضح كيف ستتغير الحياة على الأرض بشكل حتمي في غضون ثلاثين عامًا، أو حتى قبل ذلك، وفق نسخة أولية حصلت عليها وكالة الصحافة الفرنسية.
أما الجزء الثالث، فيتعلق بالحلول المحتملة للحد من الانبعاثات وتوقع صدوره في مارس. لكن المسار الذي يجب اتخاذه معروف على نطاق واسع وهو الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون.
وتعقيبًا على التقرير، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في بيان، ان التقرير يعلن نهاية الوقود الأحفوري الذي "يدمر الكوكب"، مضيفًا "هو إنذار أحمر للبشرية. أجراس الإنذار تصم الآذان: انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن الوقود الأحفوري وإزالة الغابات تخنق كوكبنا".
وفي حين سيكون من الضروري خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار النصف بحلول العام 2030 للحفاظ على هدف 1,5 درجة مئوية، فإن كل الأنظار تتجه الآن إلى غلاسكو حيث سيجتمع قادة العالم في نوفمبر.
وطالب غوتيريش في هذا الإطار، أن يكون مؤتمر الأطراف "ناجحًا بعد هذا الإنذار الأحمر للإنسانية".
لكن في هذه المرحلة، راجعت نصف الحكومات فقط التزاماتها الخاصة بانبعاثات غازات الدفيئة. وستؤدي سلسلة الالتزامات السابقة التي تم التعهد بها عقب اتفاق باريس للعام 2015، إلى ارتفاع درجة حرارة الكوكب 3 درجات مئوية، إذا تم احترامها، لكن بالمعدل الحالي، يتجه العالم أكثر نحو 4 درجات مئوية أو خمس.
وفي خضم توقعاتها القاتمة، فإن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ تحدثت عن أمل يجب التشبث به.
وفي أفضل السيناريوهات، يمكن أن تنخفض الحرارة إلى ما دون 1,5 درجة مئوية بحلول نهاية القرن، من خلال خفض الانبعاثات بشكل كبير وامتصاص كمية من ثاني أكسيد الكربون أكثر مما ينبعث منه. لكن التقنيات التي تسمح بسحب ثاني أكسيد الكربون من الجو على نطاق واسع لا تزال في مرحلة البحث، وفق ما أشارت الهيئة.