في حين يُقبل متعافون من الإصابة بفيروس كورونا وبعض الحاصلين على اللقاح المضاد للفيروس على إجراء فحص الأجسام المضادة بالدم، وبعضهم يحرص على إجرائه بشكل متكرر لمراقبة نسبة هذه الأجسام، والمقارنة بين فاعلية اللقاحات المختلفة وتحديد قوة المناعة لديهم، إلا أن الأطباء وصفوا ذلك بالمبالغة المرفوضة، مطالبين بعدم إجراء هذا الفحص دون ضرورة طبية، وأن يكون الفحص تحت إشراف طبي.
وأكد مختصون أن كثيراً من فحوص الأجسام المضادة التي يجريها الأشخاص للمقارنة بين اللقاحات لا يمكن الاستدلال بها على نسبة الأجسام المناعية، كونها تحمل قراءات ودلالات لا يفهمها غير الأطباء والمختصين.
وتعليقًا على ذلك قال استشاري طب الأسرة، الدكتور عادل سيجواني، إنه لا ينصح أي شخص بإجراء فحص الأجسام المضادة لـ "كوفيد-19" من دون استشارة وإشراف طبيب مختص، لأن هذه الأجسام تنتج من الخلايا البائية في الجسم، موضحاً أنه يوجد نوعان من المناعة في جسم الإنسان مناعة بائية وهذا النوع يمكن فحصه من خلال الأجسام المضادة، ومناعة تائية لا يمكن فحصها من خلال الأجسام المضادة، وقد يكون الإنسان لديه مناعة ضد الفيروس لكن مناعته التائية غير ظاهرة في فحص الأجسام المضادة.
وتابع أنه لا ينصح بإجراء هذا الفحص للتأكد مما إذا كانت حدثت إصابة سابقة بالفيروس أم لا، لأن الشخص إن كان غير واثق من تعرضه للفيروس فهذا يعني أنه لم يُصب، أو أصيب وكانت أعراضه خفيفة، ودراسات علمية أفادت بأنه في كلتا الحالتين لا تتكون أجسام مناعية، وبالتالي يحتاج الإنسان إلى اللقاح، مطالباً الأفراد بتجنب الفحص قبل اللقاح لأنه في جميع الأحوال سيأخذ اللقاح لاحقاً.
وأضاف سيجواني أنه لا يُنصح بإجراء الفحص المصلي للأجسام المضادة لـ "كوفيد-19" أيضاً بعد اللقاح، لأن كل اللقاحات المتوافرة ثبت فاعليتها من خلال الدراسات والأبحاث العلمية، إلا أن كثيراً من الحاصلين على اللقاح يدخلون في حالة من الشك حول فاعلية اللقاح، لذا فإن المناعة قد تكون موجودة من خلال الخلايا التائية التي لا تظهر في فحص الأجسام المضادة، ومن ثم تدخلهم في حالة من الشك غير المبرر حول فاعلية اللقاح.
وشدد على ضرورة الابتعاد عن الفحوص التجارية للأجسام المضادة التي تتم إما من خلال عروض لمراكز ومستشفيات خاصة، أو من خلال رغبة الشخص نفسه في مراقبة نسبة الأجسام المضادة داخل جسمه.
وقال البروفيسور في جامعة غرب "أونتاريو" الكندية، استشاري طب الأطفال والأمراض المعدية والمناعة بمركز القلب الطبي في العين، الدكتور حسام التتري، إن الأجسام المضادة لفيروس "كوفيد-19" في الدم تنقسم إلى قسمين: الأول يدلل على وجود التهاب سابق، والثاني يدلل على تكون المناعة بعد التطعيم.
وتابع أنه بالنسبة للقسم الأول لا ينصح فحصه بشكل روتيني لكل المرضى لأنه أحياناً لا يرتفع حتى إذا كانت حالة المريض شديدة، حتى وإن ارتفع فهناك كثير من المؤشرات تفيد بأنه لا يرتفع لفترة طويلة وقد ينخفض سريعاً، أما النوع الثاني من المضادات وهو المتوقع ارتفاعه بعض التطعيم، فهو حقيقة كان له أهمية كبيرة أثناء مرحلة التجارب للتأكد من أن الحاصلين على التطعيم يحصلون على الإستجابة المطلوبة، أما أن يقوم عامة الناس بعمل فحص الأجسام المضادة بشكل روتيني فإنه غير مقبول علمياً، ولابد أن يكون تحت إشراف طبي.
وشدد التتري على ضرورة أن يترك قرار فحص الأجسام المضادة للطبيب المختص، لأسباب مثل تعرض المريض لأعراض نادرة ترشح حدوث التهاب سابق لكورونا، أو عند ظهور بعض الأعراض التي تستمر فترة طويلة، وتستدعي إجراء فحص الأجسام المناعية.
وأوضح أنه بالنسبة للأجسام المضادة بعد التطعيمات قد يطلبها الطبيب للتأكد من استجابة المريض في حالات استثنائية مثل كبار السن الذين قد تكون استجابتهم ضعيفة أو أصحاب المناعة الضعيفة، للتأكد من استجابتهم للتطعيمات.
وأكد التتري على ضرورة عدم إقبال الأشخاص على إجراء هذه الفحوص دون داعٍ حتى لا يحدثون حالة من البلبلة في المجتمع دون داعٍ، كونهم غير قادرين على قراءة النتائج بشكل علمي، لافتاً إلى أن أسعار فحص الأجسام المضادة التي تتبع الإصابة بالفيروس سعرها أقل من 300 درهم، في حين يبلغ سعر فحص الأجسام المضادة بعد اللقاح 500 درهم في أي مختبر.
من جهته قال مدير العمليات في مستشفى خاص في الشارقة، الدكتور يحيى كايد، إن كثيراً من الأشخاص يلجأون إلى إجراء فحص الأجسام المضادة، بعد أخذ لقاح "كوفيد-19"، لقياس نسبتها في الدم، وتراوح أسعار الفحص بين 200 و300 درهم.
وشدد كايد على ضرورة إجراء هذه الفحوص بناء على استشارات طبية، ودواعٍ وأسباب تتطلب هذا الأمر، رافضاً الممارسات التي تقوم بها مختبرات ومراكز صحية تعلن عن إجراء هذا النوع من الفحص بأسعار تنافسية.
وأكد أنه سواء بعد التعافي من كورونا أو أخذ اللقاح يجب الاستمرار في اتباع أساليب الوقاية المفروضة من قبل الجهات الصحية في الدولة.
وأفاد استشاري القلب والأوردة الدموية، الدكتور عثمان البكري، بأن فحص الأجسام المناعية عادة ما يحدث بعد أخذ الجرعة الثانية من اللقاح بنحو ستة أسابيع لقياس نسبة تكونها في الدم، مؤكداً أن من يحتاج هذه الفحوص نسبة قليلة تعاني مشكلات مناعية، وليس كل الأشخاص العاديين.