
يعمل علماء الآثار في دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي على دراسة أحدث المكتشاف لأقدم مسجد معروف في الدولة، والذي يعود تاريخه إلى أكثر من 1000 عام خلت. تميزت تلك الفترة بالانتشار السريع للإسلام والذي أدى إلى موجة كبيرة من التغيير والتطور في جميع أنحاء الإمارات، حيث رسخ الدين الجديد منظومة القيم والمعتقدات التي تركت بصمتها على تاريخ البلاد في القرون التالية.
موقع جديد
وكان علماء الآثار في دائرة الثقافة والسياحة قد اكتشوفوا الآثار الإسلامية الجديدة بالقرب من موقع بناء مسجد الشيخ خليفة في العين، وهي تتضمن عدة أفلاج (أنظمة الري) وثلاثة أبنية عل الأقل، والأكثر أهمية مسجد يعود إلى الفترة الذهبية المبكرة من العهد الإسلامي في فترة الخلافة العباسية قبل نحو ألف عام.
وكشف خبراء الآثار أن هذه الأبنية، وهي من الطوب اللبن، بقايا قلعة صغيرة والعديد من الأبنية الأخرى. وكان سكان المستوطنة يحصلون على احتياجاتهم من المياه العذبة من أفلاج بنوها بالقرب من المستوطنة. وتتميز تقنية الفلج بتاريخ عريق في العين يرجع إلى 3,000 عام. وفي العصر الإسلامي الأول، أدخل سكان العين العديد من التحسينات على تقنية بناء الأفلاج باستخدام الطوب اللبن المحروق لضمان استقرار ومتانة القنوات الممتدة تحت الماء. وقد عثر على هذه الأفلاج في حالة جيدة.
مركز حضاري
ويعزز اكتشاف المسجد المبني بالطوب اللبن مكانة مدينة العين على الخريطة العالمية كمركز حضاري منذ العصور الإسلامية الأولى. وأدرك علماء الآثار أن المبنى هو في الحقيقة مسجد عندما وجدوا محرابين في الغرفة الداخلية والساحة الخارجية، وهو ما يشير إلى أن الناس اعتادوا الصلاة داخل المسجد وخارجه، تماماً كما يفعلون اليوم.
كما عُثرايضاً على أجزاء من أواني استخدمت على الأرجح للوضوء أو أغراض أخرى داخل المسجد، ويعود تاريخها إلى الفترة بين القرنيّن التاسع والعاشر الميلاديين. وبناءً على هذه الاكتشافات واختبارات تحديد العمر الزمني بالكربون المشع لأحد الأفلاج المجاورة، فإن هذا المبنى يُعتبر أقدم مسجد معروف في دولة الإمارات العربية المتحدة.
ويعكس هذا المسجد البسيط مدى انتشار الإسلام ودوره الحيوي في المجتمع المحلي خلال هذه الفترة التاريخية المبكرة في الدولة. وترسم هذه الاكتشافات الأثرية إلى جانب بساتين نخيل التمر المعتمدة على مياه الأفلاج صورة أكثر وضوحاً للحياة في العين في العصور الإسلامية الأولى، والتي تماثل إلى حد كبير شكل الحياة اليوم.