تسجل

عيد الأب... أكثر الأعياد المليئة بالأحاسيس النادرة في حياتك

يقول سيغموند فرويد: " لا أعتقد أنه في مرحلة الطفولة حاجة أقوى من الحاجة للشعور بحماية الأب". ربما يكون الأمر جدلياً للبعض منا، لكن العلم أثبت صحة هذة المقولة. فقد أظهرت دراسات لا حصر لها أهمية دور الأب في مرحلة الطفولة المبكرة، ويعد هذا الدور الآن عنصراً مهماً في التأثير على الكفاءة الاجتماعية للطفل والمبادرة الاجتماعية والنضج الاجتماعي والقدرة على الاندماج مع الآخرين. فجميع أطفالنا في حاجة إلى حب الآباء.

يقدم الآباء الدعم البدني والنفسي، ويمكننا أن نرى ذلك واضحاً في ممالك الحيوانات، مثل أسرة البطريق. فالإمبراطور البطريق، وهو الأب، يتولى مسؤولية الحفاظ على البيض دافئاً خلال أشهر الشتاء المتجمدة، بينما تتوجّه أنثى البطريق، التي تكون استنفدت تغذيتها بعد وضع البيض، إلى قاع البحر لمدة تصل إلى شهرين.

من الغريب أن المجتمع العصري يخفق في بعض الأحيان في تقديم قليل من التقدير لدور الأب في الأسرة، ويحصر هذا الدور بشكل نمطي في توفير الدعم المالي للأسرة. فنحن بكل أسف نقلل من أهمية دور الأب في الأسرة وتنشئة الأطفال.

هناك مثل قديم لكنه صحيح : "أب واحد خير من مئة معلم"، وهذا ما جاء العلم ليدعمه ويؤكده، اذ أظهرت الأبحاث أن الأطفال المنخرطين بشكل كبير مع الأب، كما يقاس بقدر التفاعل بينهم، أكثر قدرة على الإدراك عند سن الستة أشهر ويسجلون مستوى أعلى على مقياس "بيلي سكيلز" لقياس نمو الأطفال، كما يسجلون درجة أعلى في مقياس الذكاء IQ عند سن ثلاث سنوات.

توصّل الباحثون إلى أن الأمهات والأباء يتحدثون مع أطفالهم الدارجين بطرق مختلفة، فحديث الآباء مع أطفالهم الدارجين يتميز بقدر أكبر من الأسئلة ("ماذا" و "أين"  مثلاً )، وهذا من شأنه تحفيز الأطفال على الاطلاع بمسؤولية أكبر في التواصل مع الآخرين.

لا تنحصر فوائد انخراط الآباء في رعاية أطفالهم خلال مرحلة الطفولة المبكرة عند صحة ورفاهية الأطفال، لكن ذلك ينعكس أيضاً على الأسرة بالكامل. وكما نرى من نتائج البحث أن تقرير الآباء المنخرطين يشتمل على حالات أقل في الوفاة المبكرة والعارضة، ونسبة أقل في الوقوع تحت طائلة القانون، ومعدل أقل في تعاطي المخدرات، وحالات أقل في دخول المستشفى، واحساس أكبر بعافية البدن.

وباعتباري أما شابة فإنني ما زلت أذكر تجربتي مع طفلي الأول ورغبتي الشديدة أن أثبت لنفسي وللآخرين بأنني أم مثالية. ألقى ذلك الصراع الشخصي بثقله على عملي وحياتي الأسرية مع مشاعر مختلطة بالاحساس بالذنب وضغوط لا داعي لها وفقدت فرصة مثالية للاستمتاع بمشاركة المسؤولية مع زوجي.

في النهاية تفهّمت المقولة الشهيرة "تربية طفل تتطلب مجهود قرية". فقد أثبتت الدراسات أن الانخراط المبكر للأب في رعاية الأطفال يقود إلى الاستقرار الأسري، كما أن ذلك مرتبط أيضاً بالرضا الأسري في منتصف العمر، كما أن هذا يزيد من احتمال استمرار الزوجين في حياة زوجية سعيدة لعشر أو عشرين سنة بعد ولادة طفلهما الأول. تقدم لنا هذه البيانات البرهان العلمي الذي يدفعنا للدعوة لمزيد من انخراط الأب ومشاركة المسؤولية في العناية بالأطفال وتنشئتهم.

شاهد ايضا صور المشاهير الآباء مع أولادهم