أكبر تحدٍّ يواجه المسوقين اليوم هو كيفية فهم وتلبية متطلبات عالم دائم التغير. بسبب التطور السريع بالتكنولوجيا ووسائل التواصل، لا بد من إعادة النظر بالعديد من مبادئ التسويق التي كانت معتمدة في السابق. أهم هذه المبادئ التي انتشرت منذ فترة التسعينيات هو فكرة التسويق (360) درجة.
يعتمد هذا المبدأ على عرض رسالة مبسطة عن المنتج على المستهلكين عبر عدد كبير من وسائل التواصل لإقناعهم بشرائه. وبدأ العمل به خلال سنوات الوفرة التي تلت انهيار معظم الأنظمة الاقتصادية الاشتراكية وشهدت انتشار الشركات العابرة للقارات وازدياداً كبيراً في عدد المنتجات والماركات ووسائل الإعلام. حينها، كان لا بد من الاعتماد على مبدأ التسويق (360) درجة ليتمكن المعلنون من لفت انتباه المستهلكين.
وتبعاً للتطور المستمر والسريع الذي نشهده كل يوم في تكنولوجيا الاتصال وأهمها الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، أجرينا بحثاً لنفهم كيف تغيرت عادات المستهلكين في التواصل مع وسائل الإعلام والإعلان وكيف يتعاملون مع هذا الفائض الكمي من المعلومات التي تصلهم بدون توقف.
إذاً ما الذي تغير في السنوات القليلة الماضية؟ نتائج دراساتنا أظهرت أن مالكي الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية في السعودية يقضون 28 ساعة في اليوم ما بين مشاهدة التلفاز وقراءة المعلومات عبر كل وسائل الإعلام والتواصل التي يملكونها. ولكن المفاجأة تكمن في كون 71% منهم يستخدمون جهازين إضافيين على الأقل مثل الحاسوب وهاتفهم الذكي لتصفح الانترنت أئناء مشاهدتهم التلفاز. لذلك تقلصت قدرة المعلنين على لفت أنظار الناس وإثارة اهتمامهم وأصبح لا يمكن الاعتماد كلياً على مبدأ التسويق (360) درجة .
ويؤمن 63% من الأشخاص الذين استطلعنا آراءهم بأنهم لا يغرقون في هذا الفائض الكبير من المحتوى الإعلامي بالرغم من انتشار العديد من الأقنية التلفزيونية ومواقع الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي. فقد بدأ الناس بفضل التكنولوجيا بتطوير وابتكار عادات جديدة إذ إن 71% أي سبعة أشخاص من عشرة في السعودية يعتقدون أن التقنيات الشخصية مثل الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية قد منحتهم القدرة على اختيار المحتوى الإعلامي الذي يناسب اهتماماتهم الفردية وإهمال كل المحتويات الأخرى.
إن تفحصنا الأمر عن قرب لوجدنا الناس منهمكين في وسائل التكنولوجيا أكثر من أي وقت مضى، فهم يستخدمون الأجهزة الذكية ليتواصلوا مع الناس والمنتجات التي يكترثون لأمرها بشكل أفضل، إذ يستخدم شخص من بين كل 4 أشخاص الأجهزة الذكية للبحث عن معلومات مفصلة عن منتجات أو برامج يشاهدونها على شاشة التلفاز بينما يستخدمها 70% منهم لأغراض التواصل الاجتماعي.
إن انتشار الأجهزة الذكية وأدوات التقنيات الحديثة في شتى نواحي الحياة قد أعاد الدفء إلى العديد من العلاقات الاجتماعية التي يقيمها الناس بعضهم مع بعض وطوّر قدرة الإعلاميين والمعلنين على بناء علاقة أكثر حميميةً مع المستهلكين عبر توفير محتوى إعلاني وإعلامي تفاعلي وأكثر عمقاً.
يمكنك التواصل مع طارق داعوق عبر:
http://tarekdaouk.wordpress.com/
https://twitter.com/tdaouk