أعلن جاكوب زوما رئيس جنوب إفريقيا رحيل الزعيم نيلسون مانديلا الذي كان يتلقى رعاية صحية مكثفة في منزله لعلاج عدوى في الرئتين، بعد أن قضى ثلاثة شهور في المستشفى.
وتوجه زوما بخطاب إلى الأمة معلنا رحيل مانديلا بحضور عائلته، معربا عن حزنه الشديد لأن جنوب أفريقيا فقدت أحد أعظم أبنائها، نيلسون مانديلا مؤسس الدولة الديمقراطية الحالية. وقال زوما إنه "رغم أننا كنا نعلم بأن هذا اليوم سيأتي، فإن شيئا لا يستطيع أن يخفف الإحساس بالخسارة العميقة". وشدد على أن نضال مانديلا من دون كلل من أجل الحرية أكسبه احترام العالم، وتواضعه وتعاطفه وإنسانيته أكسبوه حب العالم، مشيرا إلى أنه أمر بتنكيس الأعلام حدادا على مانديلا إلى حين دفنه، موضحا أنه ستقام له جنازة رسمية.
رائد جال على أهم لحظات حياته وقدمها لكم في هذا التقرير.
1- بداياته
ولد نيلسون مانديلا عام 1918 في عشيرة زوسا الناطقة بلغة الثيومبو، في قرية صغيرة شرقي مدينة كيب تاون، اسمها روليهلاهلا داليبهونجا في جنوب إفريقيا، واعتاد الناس في جنوب إفريقيا على مناداته بالاسم الذي تخاطبه به عشيرته وهو "ماديبا"، وحصل على اسمه الإنجليزي نيلسون من معلمه في المدرسة.
وتوفي والده الذي كان مستشارا لعائلة الثيومبو الملكية عندما كان نيلسون في التاسعة، وتولى رعايته بعد ذلك رئيس عشيرة الثيومبو جونجنتابا دالينديبو.
وأصبح عضوا في الكونغرس الأفريقي عام 1944 كناشط في البداية، ثم كمؤسس، ثم كرئيس للمؤتمر الوطني الإفريقي الممتاز للشباب، وأخيرا، وبعد سنوات السجن، استمر رئيسا له.
إرتبط بزوجته الأولى إيفيلين ماسي عام 1944 ولكنهما طلقا عام 1958 بعد أن أنجبا أربعة أبناء، وقبل طلاقه عام 1952 أجيز للعمل بالمحاماة وافتتح أول مكتب له في جوهانسبرغ مع شريكه أوليفر تامبو.
2- مرحلة النضال
في عام 1956 وجه إليه تهمة الخيانة العظمى ولـ155 ناشطا آخرين، ولكن التهم أسقطت عنه بعد أربع سنوات من المحاكمة. وتنامت المقاومة ضد الفرقة العنصرية، خاصة ضد قوانين الهويات الجديدة، التي حددت للسود الأماكن التي يسمح لهم فيها بالإقامة والعمل. وفي ظل حملة مناهضة التمييز العنصري تزوج مانديلا عام 1958 من زوجته الثانية ويني ماديكيزيلا، التي قادت بعد ذلك حملة المطالبة بتحريره من السجن.
بدأ مانديلا العمل السري في المؤتمر الإفريقي للشباب بعد حظره عام 1960، ثم تزايدت التوترات في البلاد مع تنامي الحملة المناهضة للتمييز العنصري، وتصاعدت بعد حوادث متفرقة بين عامي 1960 و1969 بعد أن قتلت الشرطة عددا من السود فيما أطلق عليه مجزرة شاربفيل.
3- السجن مدى الحياة
وشكل هذا الحادث نهاية للمقاومة السلمية، وأسس مانديلا، الذي كان يشغل منصب نائب المؤتمر الأفريقي، حملة للتخريب الاقتصادي، ثم ألقي القبض عليه بعد ذلك، ووجهت إليه اتهامات بمحاولة قلب نظام الحكم من خلال التخريب والتحريض على العنف. ومن قاعة المحاكمة في محكمة ريفونيا، وقف مانديلا على المنصة يشرح معتقداته حول الديمقراطية والحرية والمساواة. وحكم عليه في شتاء عام 1964 بالسجن مدى الحياة.
4- نضال مستمر
خلال فترة بقاء مانديلا وباقي قادة المؤتمر الإفريقي في السجن أو المنفي، واصل الشباب السود في جنوب إفريقيا حملة مناهضة التمييز العنصري على حكم الأقلية البيضاء.
وخلال هذه الانتفاضة التي شارك فيها أطفال المدارس، قتل المئات وجرح الآلاف، ولكن في عام 1980 أسس تامبو، وكان في المنفى، حملة لإطلاق سراح مانديلا، وقرر المجتمع الدولي عقوبات على جنوب إفريقيا في عام 1967 على نظام التمييز العنصري.
وبدأت هذه الضغوط تؤتي ثمارها، ففي عام 1990 رفع الرئيس إف دابليو دي كلارك الحظر عن المؤتمر الإفريقي، وأطلق سراح مانديلا، وبدأت محادثات بإنشاء نظام جديد يقوم على ديمقراطية تعدد الأعراق في جنوب إفريقيا.
5- إنتخابه رئيساً
وانفصل مانديلا عن زوجته ويني بعد خيانة زوجية عام 1992، كما أنها أدينت بالخطف والاعتداء، وبعدها بعام واحد عام 1993 حصل كل من مانديلا وكلارك على جائزة نوبل للسلام.
وبعدها بخمسة أشهر، ولأول مرة في تاريخ جنوب إفريقيا، صوتت كل الأعراق لانتخاب مانديلا رئيسا، وكانت المشكلة الرئيسية التي تولى مانديلا علاجها هي توفير السكن للفقراء والنهوض بالأحياء الفقيرة، ومكافحة الفساد في معظم المدن.
وفي عيد ميلاده الثمانين تزوج مانديلا جراسا ماتشيل أرملة رئيس موزمبيق، واستمرت رحلاته الدولية، وحضوره المؤتمرات، وحصده الجوائز بعد انتهاء مدته الرئاسية.
6- مانديلا بعيداً عن السياسة
منذ انتهاء مدته الرئاسية عام 1999 أصبح مانديلا سفيرا من أرفع طراز لجنوب أفريقيا، يقود الحملات على الإيدز، كما ساعد بلاده على استضافة كأس العالم لكرة القدم عام 2010. ورغم تشخيص إصابته بسرطان البروستاتا عام 2001، فإنه اشترك في مفاوضات السلام في الكونغو الديمقراطية، وبوروندي، وباقي الدول الإفريقية والعالم. وفي عام 2004، عندما كان عمره 85 عاما تقاعد مانديلا من الحياة العامة، ليقضي حياته مع أسرته وأصدقائه، ويحظى بالسكينة.
وفي نهاية يناير من عام 2011 نقل إلى مستشفى جوهانسبرغ من أجل إجراء فحوصات خاصة، مما أعاد إلى ذهن رئاسة الجمهورية في جنوب إفريقية القلق من إصاباته السابقة بأزمات في التنفس. ثم نقل إلى المستشفى مرة أخرى في فبراير/شباط 2012.
رحل نيلسون مانديلا مساء الخميس في منزله بجوهانسبورغ عن عمر 95 عاما.