في يونيو الماضي، اختتمت Goumbook "غومبوك" بنجاح برنامجها الريادي للزراعة المتجددة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتركيا لعام 2024/2025، مؤكدةً بذلك على التوجه المتزايد نحو تبني أنظمة زراعية وغذائية أكثر انسجاماً مع الطبيعة. وقد شهد البرنامج إقبالاً استثنائياً، حيث تلقّى أكثر من 510 طلبات تسجيل من مبتكرين وباحثين ينتمون إلى أكثر من 80 مؤسسة في 65 دولة حول العالم. وقد اختارت لجنة التحكيم ثلاث ابتكارات فائزة، نالت كل منها منحة بقيمة 20 ألف دولار، إلى جانب الإرشادال متخصص، والدعم خلال مراحل تطبيق المشروع، وإتاحة الوصول إلى شبكة غومبوك المتنامية من الشركاء، والتي تضم مصرف إتش إس بي سي، البنك السعودي الأول، منصة EIT Food، وفريق الأمم المتحدة رفيع المستوى المعني بتغير المناخ.
في هذه المقابلة مع سامنثا كيروز مديرة الاستراتيجية والاستدامة في Goumbook نتعرف معاً عن كثب على تطور برنامج الزراعة المتجددة، سبب الارتفاع الملحوظ في عدد المهتمين بالزراعة المتجددة في المنطقة، وأبرز التحديات التي تواجه الزراعة المستدامة والمتجددة في الأراضي الزراعية:
ما الذي ألهم Goumbook لإطلاق برنامج الزراعة المتجددة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا، وكيف تطور البرنامج من دفعته الأولى إلى الثانية؟
منذ تأسيسنا عام 2009، عملنا في Goumbook على تسريع العمل المناخي والاستدامة من خلال برامج ومبادرات تربط مختلف القطاعات – من الشركات إلى الشباب والمجتمع المدني والقطاع العام. ومع التحديات الخاصة التي تواجه منطقتنا في النظم الغذائية واستصلاح الأراضي، وجدنا أن الزراعة المتجددة تحمل إمكانات كبيرة رغم أنها لا تزال مفهوماً ناشئاً في المنطقة. رأينا أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا تملك تراثاً زراعياً عريقاً وظروفاً بيئية فريدة، تجعلها مرشحة لتصبح مركزاً عالمياً للزراعة الصحراوية والمقاومة للمناخ. دورنا هو تسريع هذا التحول عبر دعم الابتكار القائم على المعرفة المحلية والتفكير المستقبلي. من الدفعة الأولى إلى الثانية، شهدنا نمواً لافتاً: ارتفع عدد المهتمين إلى 510 مشاركاً من أكثر من 80 مؤسسة أكاديمية في 65 دولة – أي بزيادة 223% مقارنة بالعام الأول. هذا يعكس تزايد الاهتمام الإقليمي والدولي، وكذلك تطور منهجيتنا في استقطاب ودعم حلول بحثية عملية تُعالج تحديات الزراعة والأمن الغذائي والمائي في المنطقة.
ما سبب هذا الارتفاع الملحوظ في عدد المهتمين بالزراعة المتجددة في منطقة MENAT؟
هناك عدة عوامل تقف خلف هذا الارتفاع. أولاً، هناك وعي متزايد بأن تغيّر المناخ يشكّل تهديداً كبيراً على النظم الغذائية حول العالم، مما يجعل خبرة منطقتنا في الزراعة الصحراوية والمقاومة للمناخ أكثر أهمية. ثانياً، تمكّنا من بناء منظومة تمكينية تضم خبراء وشركاء ومؤسسات داعمة، ما أتاح فرصاً للمبتكرين الذين لم يكن لديهم سابقاً إمكانية الوصول إلى هذه الشبكات.
ومن خلال البرنامج، نوفر دعماً شاملاً يشمل التوعية، بناء القدرات، التوجيه، وتنمية المهارات الريادية، لتمكينهم من توسيع أثرهم وإدماج مبادئ الزراعة المتجددة في مشاريعهم.
ما هي أبرز التحديات الزراعية والبيئية التي تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا اليوم، وكيف يعالجها البرنامج؟
تواجه منطقتنا تحديات عميقة، تشمل الجفاف والتصحر، تدهور التربة، فقدان التنوع البيولوجي، أزمة الأمن الغذائي والمائي، ملوحة التربة، وتراجع الرفاه الاجتماعي في المجتمعات الريفية. هذه التحديات باتت عالمية، لكنها حادة بشكل خاص في منطقتنا.
البرنامج يعالج هذه التحديات من خلال دعم حلول بحثية في مجالات متعددة، مثل:
- الأسمدة العضوية والبيولوجية
- تقليل استخدام المبيدات الكيميائية
- تقنيات استعادة صحة التربة
- تنويع المحاصيل
- الحلول التكنولوجية والمبتكرة
كل هذه الحلول قائمة على أبحاث علمية ولها إمكانات تطبيقية حقيقية في السياق المحلي، لكنها أيضاً ذات صلة عالمية.
ما المعايير التي اعتمدتموها لاختيار المتأهلين إلى المرحلة النهائية؟ وما الذي لفت لجنة التحكيم هذا العام؟
اعتمدنا على ستة معايير رئيسية:
- التوافق مع مبادئ الزراعة المتجددة
- الصحة العلمية والبحثية
- ملاءمة الحل للظروف الإقليمية
- الابتكار والفرادة
- الأثر البيئي والاجتماعي
- قابلية التوسع والانتشار
أكثر ما لفت انتباه اللجنة هذا العام هو تنوّع الحلول وجودتها. رأينا مشاريع في مجالات مثل الروبوتات الزراعية، الزراعة الشمسية (agrivoltaics)، المحاصيل المقاومة للمناخ، الذكاء الاصطناعي للكشف المبكر عن الأمراض، الأنظمة الحيوانية المستدامة، والتقنيات الحيوية.
وقد مثّل المتأهلون مؤسسات من مختلف أنحاء المنطقة، منها: جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (KAUST)، "استدامة" وجامعة القصيم في السعودية، جامعة ابن زهر وجامعة محمد السادس في المغرب، جامعة نيويورك أبوظبي، جامعة ظفار في عُمان، ومركز ICARDA في المغرب، وغيرهم.
كيف ستسهم معسكرات Bootcamps 1 & 2 في تطوير مشاريع المتأهلين؟
غالباً ما تبقى الابتكارات العلمية محصورة داخل الأوساط الأكاديمية، ولا تجد طريقها للتطبيق العملي. وهنا يأتي دورنا: نحن نكسر هذا الحاجز من خلال توفير معسكرات تدريبية مكثفة، جلسات إرشادية، دروس يقودها خبراء، تمويلات، فرص عرض المشاريع، وربطهم بشبكات دعم فعالة. نساعد المشاركين على تطوير حلولهم، بناء نماذج أعمال قابلة للتطبيق، فهم قوانين حماية الملكية الفكرية، وآليات التمويل المتاحة لهم. كما نتيح لهم الفرصة لعرض أعمالهم في منتديات ومؤتمرات إقليمية. هدفنا أن يتحولوا إلى "مزارعين تجديديين – Regrarians "، يقودون التغيير في مجتمعاتهم ويغذّون حركة الزراعة المستدامة في المنطقة.
في رأيكم، كيف يمكن لمنطقة الشرق الأوسك وشمال أفريقيا وتركيا أن تبرز كمركز عالمي للزراعة المتجددة والابتكار المناخي؟
تمتلك المنطقة مقومات فريدة تجمع بين التراث الزراعي العميق والبحث العلمي المتطور. ويمكننا أن نتحول إلى مركز عالمي من خلال:
- تطوير سياسات تشجع الزراعة المستدامة
- تقديم حوافز للمزارعين وتخفيض مخاطر التحول
- إشراك القطاع الخاص للاستثمار وخلق طلب على المنتجات المستدامة
- إنشاء شراكات فاعلة وآليات تمويل مبتكرة
- بناء شبكة إقليمية تضم أصحاب المصلحة المعنيين بالتغيير
وفي هذا السياق، أطلقنا قمة الزراعة المتجددة الأولى في المنطقة في العاصمة الرياض، تحت رعاية وزارة البيئة والمياه والزراعة في السعودية. شكلت القمة منصة فريدة للحوار والتعاون والاستثمار، وهدفت إلى دعم الحلول القائمة على الطبيعة وتوسيع نطاقها، وربطها بالنظم الغذائية الإقليمية والعالمية. إنها خطوة نحو تمكين المنطقة لتكون رائدة في الزراعة المقاومة للمناخ، الأمن الغذائي، وتجديد النظم البيئية.